الجمعة، 11 فبراير 2022

دين القيمة :

 دين القيمة :

-----------
قال الله تعالى :" إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ". يوسف (40). .
الحكم إلا لله : أصل الحكم لله وحده ، ثم جعل الناس يرثونه في الأرض ، ومن رحمة الله بهم أن أرشدهم إلى سبيل الحفاظ على حياتهم وملكهم وأمنهم واستقرارهم ، فأرشد إلى ضرورة الحكم بما أنزل الله من شرائع وكتب رسم لهم فيها سبل السلام في هذه الحياة ، وهاذا نداء رباني خالد لكل من آتاهم الله كتابا وأنزل عليهم شريعة ،قال الباري سبحانه وتعالى :" قَدْ جَاءَكُم مِّنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (16)". المائدة .
النور : فالحياة ظلمات ليس بوسع الإنسان فيها أن يهتدي إلى نورها المتمثل في أمنها وسعادتها والإستقرار عليها ، حتى يهتدي بالله ، أي : يتبع المنهج الرباني الراشد الذي يبين كل صغيرة وكبيرة في هذه الحياة ، وبه يخرج الإنسان من متاهات الحياة وظلمتها إلى النور المبين والصراط المستقيم .
فلا يستوي الحكم ولا تعتدل بلاد ،ولا يستتب لها ٱمن حتى يكون الحكم فيها لله ،ٱي يعملون بشريعة الله .
ويقيمون عبادة الله كما ٱمر وشرع لأنبيائه صلوات الله عليهم وسلامه .
فبذلك تستقيم ٱمور البلاد والعباد .
الدين القيم : المنهج الشرعي الذي يتوافق مع سنن الله في كونه .
من الحياة : قد صنع الإنسان وسيلة للركوب من سيارات وطائرات وغيرها .
لكن وضع لها قوانين تسير عليها ،حتى تحفظ أمن البشر وحتى تستعمل هذه المراكب وتحقق مرادهم في الحياة ، من تسهيل عيشهم والتمتع بجمالها وبديع صنعها كما بين جل وعلا في قوله :" وَالْأَنْعَامَ خَلَقَهَا ۗ لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6)وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَىٰ بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُوا بَالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنفُسِ ۚ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً ۚ وَيَخْلُقُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (😎". النحل .
لكن الإنسان سن قوانين عقابية صارمة تحاسب وتعاقب كل من تعدى في قوانين السير ، وقد تصل هذه العقوبات إلى حد القتل ، لمن تعمد القتل أو كان لا ينقاذ لهذه القوانين الموضوعة وزاد شره وكثر جرمه .
فهكذا منهاج الله وشرعه في هذه الحياة .
فقد خلقها الله وسن فيها نواميس لا يعلمها إلا هو ووضع لها قوانين متمثلة في تعاليم الشراع السماوية ، ينبغي للعباد أن يسيروا عليها ،وشدد الوعيد لمن خالفها لأن المخالف كما يضر بنفسه فيضر بغيره .
فإذا أوجب الله في حكمه القتل في حق القاتل فهي لحكمة بالغة وهي المحافظة على حياة الناس ، فالقاتل الذي أشربت نفسه بحب القتل وسفك الدماء ليس له دواء سوى قتله وتخليص المئات من البشر من شره ، فبقتله نحيي نفوسا ستتعرض لشره وجرمه .
فإذا شرع العباد دينا ومنهجا أو نظاما بعيدا عن المنهج الشرعي تاهوا وزاغوا في هذه الحياة ، وظهرت الفوضى بين الناس وفسد عيشهم وضاع أمنهم واستقرارهم .
قال الله تعالى :" أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله".
فكل من شرع للناس ما يخالف شرع الله في الأرض فقد أشرك مع الله - عياذا بالله - ، وباء بغضب من الله ، لأنه قد تدخل فيما لا يعنيه في هذه الحياة ، وما لا يحيط به علما .
وقد حذر الله من شر أصحاب المناهج والنظم التي لا تهتدي بعلم الوحي فقال جل وعلا :" ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَىٰ شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18)". الجاثية .
فقط التشريع المنهي عنه هو ما كان في الدين ، أي من أحدث في الدين ما ليس منه .
أما ما يحدثه الناس في مجالات الحياة لغرض تسهيل عيشهم وعمارة الأرض فيها من علوم وغيرها ، فهذا قد دعت إليه الشريعة وهو من الأمور التي يتاب عليها الناس فثواب الدنيا هو - للكفار والمشركين وأمثالهم من غير المسلمين - ، وثواب الدنيا والآخرة هو - للمسلمين -.
الخلاصة : ليس لنا ملجأ ولا خلاص ولا مناص إلا بالعودة للدين القيم وهو الفطرة السليمة التي جبل الله عليها خلقه فلا تبديل لخلق الله .
آيات بينات ، شافية كافية ، لكل من له بصيرة ، كأن الله يتحدث عما آل إليه كثير من الخلق في زماننا من تشتت وتحزب واتباع لمناهج ضالة مضلة بغير علم ولا هداية ،قال الله تعالى :" فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا ۚ فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ۚ لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ (30) ۞ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ وَاتَّقُوهُ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (31) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ۖ كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (32)". الروم .
نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة .
اللهم اهدنا واهد بنا واهد الناس أجمعين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق