السبت، 18 يناير 2020

التفاتة

التفاتة .
*****
بعض الأئمة - حفظهم الله - لا يحبون من غيرهم الخوض والتدخل في ما يتعلق باختصاصهم في العلوم الشرعية من فتوى وغيرها وهذا من حقهم .
لكن من المؤسف جدا أن بعضهم نراه يخوض في ما ليس من اختصاصه .
فمثلا الأمور السياسية : فنحن نعلم أن السياسة هي علوم قائمة بذاتها وفي العلوم السياسية اختصاصات متعددة ينبغي تعلمها وهي درجات متفاوتة .
الخوض في الأمور السياسية بغير علم قد يفضي إلى زوال شوكة دولة بكاملها حاكما ومحكوما .
وهو سلاح الشيطان وأعوانه - عياذا بالله - ، قال الله تعالى :" وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ۖ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَىٰ أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ ۗ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83)". النساء .
لعلمه الذين يستنبطونه منهم : لعلمه الذين يفحصون عنه ويبحثون عن المورد الصحيح ويهمهم ذلك ، والذين يتفكرون فينظرون لما جاءهم من الخبر : أصدق أم كذب؟ أحق أم باطل ؟( من أهل الاختصاص في تسيير الأمور السياسية ومنها الحربية الخطيرة المتعلقة بأمن العباد).
**********
فكيف نتكلم في أمور لا نعلم منها إلا ما ينشر في صفحات الانترنت - الشبكات العنكبوتة التي تصطاد الزلل لإيقاع الخلل -، أو سماعها من قنوات هي أشبه بقنوات صرف مياه قذرة أكرمكم الله .
الباري يبين أن مثل هذه الأخبار التي تتعلق بأمن البلاد والعباد يجب تركها لأهل الإختصاص الذين يتدبرون سياسة الأمور ويستنبطون الأخبار من الموارد والمصادر الحقيقية .
إن ما يقع فيه كثير منا من الخوض في أمور ليسوا من أهلها وليست من اختصاصهم لشبيه بالشعوذة التي تعتمد على ما يجول في النفوس من هواجس وخواطر ووساوس ثم تصدق وتنشر ويروج لها فتعتي في الناس فسادا .
وهكذا ما تفعله هذه التحليلات والتأويلات والشرحات في هذا المجال التي تبت من غير علم ولا مورد صحيح فلها نفس تأثير الشعودة من الخلل الذي تحدثه في عقول الناس .
فالله قد أبطل كل ذلك ولا مجال بعدها للتحليل والتعليل قال جل وعلا :" قلْ هَلْ عِندَكُم مِّنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا ۖ إِن تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ (148)". الأنعام
إلا ظنًّا وحسبانًا أنه حق وهو باطل ، إلا تخرصون : بغير يقين علم ولا برهان واضح.
ومن الخطأ كون البعض يحصرون الدين أو الشريعة في مجال ضيق وقد تحجروا واسعا .
فعلم السياسة هو فرع من علوم الشريعة ولا يتكلم فيه إلا من هم أهله من فقهاء وعلماء السياسة .
وعلماء السياسة من المسلمين لهم قدرهم وأجرهم ونورهم بل هم أعظم أجرا لكونهم يحفظون للبلاد أمنها واستقرارها .
والمجتمع متكامل بأفراده كل فرد يكمل الآخر وكل في اختصاصه .
والنجاح والفلاح في ترك كل واحد يجتهد في اختصاصه ويبدع فيه ولا ضير في التناصح والتعاون والإحترام المتبادل بين الأفراد .
فليهتم كل واحد بما أولاه الله من وظيفة ومسئولية لأن الله سوف يحاسب كل واحد على ما استأمن عليه ، ولا يحاسبه على مسئولية غيره ، ولا تزر وازرة وزر أخرى .
والله أعلم ولا حول ولا قوة إلا بالله .