الاثنين، 29 يناير 2018

لا يفرك ؟

حديث وشرحه
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لَا يَفْرَكْ مُؤْمِنٌ مُؤْمِنَةً إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَرَ» أَوْ قَالَ: «غَيْرَهُ» (رواه مسلم- كتاب الرضاع- باب الوصية بالنساء- 2672).

لا يفرك : الفرك : البغض ، لا يفرك : لا يبغض .

شريعتنا شريعة ألفة وصلة وجمع ، فتعاليمها تدعو لما يحقق للناس سعادة الدارين .
وفي هذا الحديث الشريف دعوة للعشرة الطيبة بين الزوجين .
فمن تيسير الله تعالى أن وفق الزوجين لهذه الرابطة التي جعلها الله سنة في خلقه لتحقيق مراده من البقاء للجنس البشري وتحصينة من عوائق الزوال أو الضعف والإنهيار والإندثار .
والمشاكل الزوجية والصراعات الأسرية هي من السنن الفطرية التي اقتضت أن تكون لحكمة يعلمها الله .
وقد حاطها الله بسياج المودة والرحمة وهما عاملان من عوامل ثبوت هذه الرابطة ودوامها واستمرارها ، فإن قلت المودة حلت الرحمة وهكذا .
لكن تدور الأزمنة وتتغير ودوام الحال من المحال .
فقد يجد الزوج من زوجه تغيرا في المزاج أو تبدلا في الأخلاق أو يحل بها مرض أو عائق من العوائق وهذه سنة ماضية ، فلا ينفي زوجها كل الفضل وكل الخير التي امتنت به عليه ، بل يجب أن ينظر إلى زوجه في هذه الحالة من حيث فضائلها وامتنانها ومن حيث الخلق الحسن الذي لا تخلو منه امرأة مسلمة .
فقد يجد فيها ذمامة في الخلق لكن فيها ما يستوجب رضاه من الأخلاق الفاضلة .
قد يبغضها لخلق سيء فيها لكن فيها ما تقر به عينه من الجمال والبهاء والحسن .
ومن أقبح القبح أن ننظر دوما من الجانب السلبي ومن حيث عيوبنا وأخطائنا ولا يخلو أحد منا من عيوب وأخطاء وفي غيرنا من الحسنات ما يستوجب الرضا والقبول .
قال الله تعالى :" وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِمَا كَسَبُوا مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَٰكِن يُؤَخِّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى".فاطر45
فالله جل وعلا ينظر للناس من حيث حسناتهم ومن حيث ما ينجم عنهم من خير فيثيبهم عليها بالعفو والصفح وبحسنات عاجلة ، ولو يؤاخذهم بما ينجم عنهم من شرور وظلم وطغيان فسوف تكون نهاية لكافرهم ومؤمنهم وتقيهم وفاجرهم .

نسأل الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة .